الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية أسقط نظام بن علي.. أين نحن من شعار : «شغل.. حرية.. كرامة وطنية» ...؟

نشر في  09 نوفمبر 2016  (09:57)

«شغل.. حرية.. كرامة وطنية» هو شعار وحد الشعب التونسي، منذ 17 ديسمبر 2010، شعار اسقط عرش الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، رفعه شباب راغب في الانعتاق والحرية والحصول على حياة كريمة وظروف إجتماعية افضل ، شباب ثار ضدّ نظام أمعن في تهميشه واقصائه وتفنّن في تكميم الأفواه.   
اليوم، وقبل الاحتفال بمرور ست سنوات على رفع ذالك الشعار، لاحظنا ان البعض يتحسر على ما قبل 17 ديسمبر، وفيهم من أعلن صراحة احتفاله بتاريخ خلنا ان الثورة قضت عليه ونقصد تاريخ السابع من نوفمبر، وهو ما جعلنا نتساءل اين اختفى شعار الثورة؟ وهل اليأس من تحقيق مضمونه دفع بالبعض الى الحنين الى أيام الطاغية؟ هل بات الوضع اليوم أكثر سوءا؟ وهل نجحت بعض الأطراف السياسية في سرقة شعار ثورة الكرامة والالتفاف عليه، أم أنه مازال قائما؟؟  
بعد مرور ست سنوات، هل نحتاج الى وقفة تأمل في ما أنجز وفي ما  لم ينجز ؟  وقفة تأمل لفهم شعب مازال متعطشا لنفس شعارات الثورة تلك الشعارات الشعبية التي لم يؤطرها أي حزب سياسي وكانت نابعة من احساس بالضيم والاقصاء والتهميش.
«شغل ... حرية .. كرامة وطنية «..شعار تحقق أم ضاع أم اختفى أم انه مازال قائما، هذا ما حاولنا البحث فيه ...

ليلى حداد: شعار الثورة ضاع في الزحام

في البداية أكدت محامية شهداء وجرحى الثورة ليلى حداد، أن شعار «شغل .. حرية.. كرامة وطنية» هو شعار مرتبط بالأساس بشباب الثورة، وخاصة بأبناء الجهات الداخلية،  الذين رفعوه دون أن تكون لديهم أي خلفيات ايديولوجية أو سياسية، وقدموا من أجله الشهداء في الوقت الذي كانت فيه النخبة السياسية المسيطرة اليوم على المشهد غائبة، لكنها هي التي استفادت اولا واخيرا من شعار الثورة، على حد تعبير محدثتنا التي اضافت أن ذلك الشعار اسقط فعلا بن علي لكنه لم يتمكن من اسقاط النظام، وان المعارضة السياسية لم تتمكن من تحقيق مسار الثورة من مطالب اجتماعية والقضاء على الفقر والتهميش، وذكرت محدثتنا ان الشعار كان واحدا لكنه صار بعد الثورة شعارات اتسمت بطابع سياسي وايديولوجي وقسمت الشعب، مبينة ان ضعف المجتمع المدني ساهم بدوره في هذا التشرذم، واكدت اننا اليوم نجد النخبة السياسية الغائبة ايام الثورة تتصدر المشهد في حين يقبع شباب الثورة في السجون حتى يكون عبرة لغيرهم ولكل من يطالب بالتغيير او يفكر في رفع الشعار مجددا.
واشارت ليلى حداد الى أن مضامين شعار الثورة ضاع في زحام الصراع الايديولوجي، والطبقة السياسية الانتهازية والمتمعشة في ظل غياب شخصية وطنية تحتوي الجميع، كما ان الفساد الاخلاقي والقيمي والمالي والسياسي طغى على كل المطالب، واضافت ان سياسة الافلات من العقاب، ومحاسبة كل من قتل واجرم ونهب ثروات البلاد، وغياب القوانين الزجرية ساهم في انتشار الفساد، والقضاء على ما تبقى من احلام شباب الثورة امام غياب كلي لطبقة سياسية وطنية .
وختمت ليلى حداد كلامها بتأكيدها أن شعار «شغل .. حرية .. كرامة وطنية»، لم يتحقق بعد ست سنوات لكن الامل مازال قائما وان مسار كل الطفيليات هو الاقتلاع ولا بقاء سوى للشرفاء الصادقين، مشيرة الى أن العفن السياسي سينتهي لأن المشوار متواصل .

خالد عواينية: شعار الثورة لم يتحقق لان الحكومات المتعاقبة لم تكن مولودة من رحم الثورة  

وفي حديث جمعنا بالمحامي خالد عواينية،اكد ان المهم بعد مرور ست سنوات على ثورة 17 ديسمبر هو ان الثورة التونسية هي ثورة حقيقية، تمكنت من تحقيق تسونامي في كل شيء وخاصة في ادوات التفكير، وادوات النضال الكلاسيكي، حيث انجبت ادوات عمل نضالي جديد، واشار الى ان شعار الثورة رفع لأول مرة امام مقر ولاية سيدي بوزيد، في وقفة كانت متميزة حيث ضمت اليساري والعلماني والمعطل عن العمل والمهمش باستثناء الاسلاميين.
واضاف الاستاذ خالد عواينية ان ما تشهده البلاد اليوم من حالة خبط عشوائي على المستوى الاعلامي والرسمي سببه الرئيسي تغييب صناع الثورة مؤكدا ان الموجود اليوم في المشهد هو التجمعي والاسلامي، الذي لا تربطه ادنى علاقة بالثورة وشعاراتها، مبينا ان سبب الأزمة هو ان الوجوه التي تدير البلاتوهات التلفزية تسعى الى تقديم الثورة في شكل كاريكاتوري ولا تتوانى عن السخرية من الثوار، ووجه محدثنا رسالة الى هؤلاء حيث افادنا ان الثورة أتت أكلها، وانه من المستحيل العودة الى الوراء او اعادة المشهد القديم .
وبين محدثنا ان شعار « شغل .. حرية .. كرامة وطنية» لم يتحقق لان الحكومات المتعاقبة لم تكن مولودة من رحم الثورة كما ان المسار الانتخابي لا علاقة له بالثورة شأنه شأن صناديق الاقتراع وقال: «شعار الثورة رفع ومازال قائما».

عبد السلام حيدوري:  شعار الثورة مازال قائما الى اليوم ولن يندثر  

من جهته بين النقابي والناشط السياسي عبد السلام الحيدوري، انه تم الالتفاف على شعارات 17 ديسمبر من قبل قوى مضادة للمسار الثوري، وقال ان: «الشعارات رفعت من قبل الفاعلين في المسار الثوري ضد الاستبداد وقمع الحريات والفقر والتهميش، رفعت من اجل تحقيق مشاريع الا أن بداية الانقلاب على تلك المطالب انطلقت مع الغنوشي الذي مهد لمرحلة الديكتاتورية»، مشيرا الى أن  الانقلاب على الثورة تواصل مع انتخابات 23 اكتوبر باغلبية يمينية وكانت النتائج كارثية، ثم امتد مع انتخابات 2014، وعودة النظام القديم .
واشار محدثنا الى ان شعار الثورة مازال يرفع الى اليوم لكن دون تأطير من قوى فاعلة، حيث يرفعه المحتجون في الاحياء الشعبية والمناطق المهمشة، والمفروزين امنيا، والنقابيين والحقوقيين، مبينا ان قوى الثورة المضادة كانت أقوى داخليا وخارجيا وذلك لارتهانها بمؤسسات مالية عالمية .
وختم حديثه بتأكيد أن شعار الثورة مازال قائما الى اليوم وانه لم يتحقق بعد لكنه لن يندثر حتى وان حاولت الحكومات المتعاقبة الالتفاف عليه واخماده.   

ليلى طوبال: سيظّل ذلك هو الشعار المركزي لثورة الحرية والكرامة

اما المسرحية ليلى طوبال، فبينت انه ووسط كل ما تعيشه تونس من تخبط، فان شعار «شغل حرية كرامة وطنية» سيظّل الشعار المركزي لثورة الحرية والكرامة، مؤكدة ان كل محاولات الالتفاف على هذا الشعار باءت بالفشل وستفشل لأن من رفع هذا الشعار هو شباب انتفض ضد الفقر، واشارت الى أنّ الأمل في تحقيق هذا الشعار سيبقى داخل كل تونسي رغم كل شيء.
من جهة اخرى اكدت ليلى طوبال ان هذا الشعار لم يتحقق بعد، مبينة ان الشباب التونسي والى حد هذه اللحظة مازال «يبيع في الريح للمراكب» او بالاحرى اختار الابحار بعيدا عبر هذه المراكب والموت غرقا، مشيرة الى ان عدد الشباب الذي غرق اثناء عمليات «الحرقة» كاف لمعرفة واقع التشغيل في تونس .
وبالنسبة الى الحرية اكدت ان هذا المطلب مرتبط بقيم الموطنة، معتبرة ان البعض استغل هذا المكسب ليحول الحرية الى فضاء رحب للشتم والسبّ والتشويه، وعن الكرامة قالت انها مرتطبة اليوم بالمحسوبية و«القفّة» والتملق، رغم ان البعض مازال يؤمن ان الكرامة قبل الخبز .. ولئن اكدت ليلى طوبال انها فخورة والى حد هذه اللحظة انها كانت من بين الذين رفعوا شعار «ديقاج» ضد النظام منذ تاريخ 25 ديسمبر 2010، فانها ذكرت أنّه كان ينبغى على كل من خرج في ذلك التاريخ في لحظة وهمية ان يطالب بكل الضمانات لتحقيق مطالبه.  

مهدي الشاوش: هذا ما تحقق من الشعار  

ولأن الجانب الأمني كان جزءا مهما في ما عاشته بلادنا، كما كان مطلب اسقاط الدولة البوليسية، احد مطالب وشعارات ثورتنا، اتصلنا بالناطق الرسمي لنقابة موظّفي الإدارة العامّة لوحدات التدخّل مهدي الشاوش، الذي بين ان ما عاشته تونس كان بالاساس انتفاضة اجتماعية ارتكزت بالاساس على مطالب اجتماعية، وتحسين ظروف العيش والتصدي لفساد الطرابلسية، اضافة الى المطالبة بالحريات العامة كحرية التنظّم، وحرية التعبير، ملاحظا انه وعلى مستوى الحريات تمكن الشعب التونسي من افتكاكها على مدار 5 سنوات، ولعل ما ساعده في ذلك هو انتقال المؤسسة الأمنية من دورها القمعي الى حماية هذه الحريات سواء من خلال تأمين المسيرات او التحركات الاجتماعية.
اما من الجانب الاجتماعي فبين محدثنا انه لم يتم تحقيق اي تطور بل بالعكس استفحلت البطالة وتدنت المقدرة الشرائية، مضيفا ان الفساد كان متمركزا وسط مجموعة قليلة تحت اشراف اعلى هرم للسلطة، لكن اليوم اصبحنا في مرحلة تعميم الفساد بمباركة اطراف سياسية ومالية على حد تعبيره.
اما بخصوص الجزء الثالث من الشعار ونقصد الكرامة، فبيّن مهدي ان الكرامة لا تتحقق الا بارساء دولة الحق والقانون التي لم يقع ارساؤها بعد، وبين محدثنا ان المواطن اليوم ضاع وسط زحام ليّ الذراع بين القطاعات المختلفة مشيرا الى انه لا يمكننا الحديث عن الكرامة وتونس مرتهنة لجهات اجنبية.
ختاما نؤكد انه ومهما اختلفنا فكريا وايديولوجيا، فان شعار «شغل .. حرية .. كرامة وطنية» لن يندثر لأنه وببساطة كتب بأحرف من دم شهداء ثورة الكرامة.

إعداد: سناء الماجري